داعش ليست صناعة مخابراتيّة
أجنبيّة كما يُشاع ، هي ثقافة ساكنة في ذاكرتنا الجمعيّة و في عقولنا و وجداننا و
مجتمعاتنا و دولنا ،
خروجها من حيّز الخفاء إلى حيّز
التجلّي بكلّ بشاعتها و قسوتها و عنفها و توحّشها علامة صحّة و مقدّمة للتعافي ،
هي بعض من عناصر صورة الذّات في المرآة ، و كثير من عناصر صورة الآخر التي يحاول
عبثا إخفاءها و تجميلها
وراء كلّ سلوك استدعاشي نصوص لم
تراجع و فقه لم يُجدّد و فكر لم يتطوّر و تاريخ لم تُعد كتاباته و دغمائيات لم
تنسف و قطيعة معرفيّة لم تنجز
وراء كلّ قسوة داعشيّة قساوات
نظم سياسية تعاقبت على شعوب المنطقة و مارست أقسى أشكال الدعشنة السياسية و
الأمنية و الاقتصادية طيلة عقود و أنتجت الاستبداد و الفساد و الفقر و التهميش و
التفاوت الطبقي و الاجتماعي و انتهاكات حقوق الإنسان و كلّ أشكال الإذلال و
الإهانة و العبث بهويّة الشعوب و ثقافتها و أفقدت الشباب الأمل في المستقبل و
جعلتهم يتعلّقون بحبال الماضي الواهية و ينزعون إلى القصوويّة في ممارسة العنف
وراء كلّ
توحّش استدعاشي توحّش عولمي رأينا أقسى مظاهره في فلسطين المحتلّة و فيتو الدول
دائمة
العضويّة في
مجمع إكليروس النفوذ المالي و السياسي بمناسبة كلّ قضيّة عادلة و رأيناه في سجن
أبو غريب و قنابل الفسفور في العراق ......
وراء كلّ نزوع دواعشي ذات مشوّهة
ممزّقة منشطرة ، و كلّ يمارس الدعشنة بطريقته ، كلّ يريد أن يقطع و يبتر و يستأصل
: رأسا أو أقليّة بأكملها أو ظاهرة اجتماعية أو فئة سياسيّة أو ثقافة أو شعبا
بأكمله ،
عالم متوحّش رغم مظاهر الحداثة
الزّائفة تستوي فيه الدعشنة العارية و الدعشنة المتجمّلة بثرثرة الخطاب الحقوقي
الحداثوي ،
في مقابل ثقافة التوحّش و العنف
لا خيار للبشرية إلا الانخراط في ثقافة الأنس و التعارف و الغيرية و الانتصار
لإنسانيّة الإنسان و كرامته الآدميّة المقدّسة و هي أعدل ما قسمه الخالق بين أبناء
آدم حيث خلقهم على هيأة الكرامة و يعلم أن سيكون منهم المؤمن و الكافر و البرّ و
الفاجر و الطّائع و العاصي و التقيَّ و الفاسق ، و الصَّالِح و الطّالح، و شملهم
جميعا بخاصيّة الكرامة و هي خلقيّة جعليّة مركوزة لا يمكن انتزاعها بأيّ حال من
الأحوال
في مقابل
عولمة ثقافة التوحّش و العنف نحتاج إلى عولمة العدالة و الحقوق و بناء ثقافة
الإعمار ، و في مقابل
فلسفة
التوحُّد " هوتيزم " نحتاج بناء فلسفة التنوّع و التعدّد و الاختلاف و
الإنسان بكلّ أبعاده
سامي براهم
سامي براهم
0 commentaires: