منذ الضربة التي تلقاها الاتحاد العام التونسي للشغل اواخر الثمانينات
زمن حكم بورقيبة حيث وقع الزجّ "بالحبيب عاشور" في السجن مع بعض من رفاقه
و بعدها ضربات بن علي الحاكم المستبد المطلق صاحب الجهاز القمعي الاستئصالي التي اسقط
بها المعارضين و النقابيين و المكتب التنفيذي للمنظمة موال للنظام...
تشكل امام الاتحاد نسيج اقتصادي و سياسي بتحالف جمع بين قوّة رأس
المال للبورجوازية التونسية الثريّة وبين النفوذ السياسي المتعاظم لعائلة ضيّقة هي
عائلة الرئيس وزوجته و كبر امام عينيه وحش جشع من القهر و الظلم و التسلّط...يمارس
الاحتيال المنظّم وسرقة المال العام والرشوة والأنانية الفردية و يغلب ما هو ذاتي على
الشأن الجماعي...!!!
بعد الثورة...و بعد مشاركة فعالة من قواعد الاتحاد في الثورة كنا
ننتظر ثورة و تغيير جذري داخل الاتحاد القاعدة الخلفية التي كانت تسند نظام الحكم و
تحفظ السّلم الأهلي وتمنع أي شكل من أشكال الرّفض أو الاحتجاج و تشارك في احتفالات
السابع من نوفمبر وتبارك السياسة الحكيمة للسيد الرئيس وقيامه على مصالح وحقوق الشغالين
وتناشده وتتوسّل إلى حضرته أن يستمر في حكم تونس...و كانت المفاوضات و مطالب الزيادة
في الاجور تشبه المسرحية الرديئة لتحصيل زيادات مذلة للاجراء تصبح هبة و منة من لدن
سيادة الرئيس...!!!
بعد انتخابات 2011...لم يطرأ اي تغيير في المنظمة و لم يكن الحلف
المسيطر الآن على المكتب التنفيذي مستعدا للتخلي عن حكم الاتحاد والانسحاب منه بل انخرط
في السياسة حد النخاع و حطم الرقم القياسي في الاضرابات بعد ان اطلق عبيد البريكي
"الماكينة" التي تطحن وتحطّم كل من يتصدّى لها و وجدت التهليل و المساندة
التامة من رجال الاعلام و المال و السياسة لإرباك الترويكا الحاكمة وابتزازها و ليّ
ذراعها !!!
اليوم و مع اضراب اساتذة التعليم الثانوي يدفع الاساتذة فاتورة
الاتحاد المريض الذي لم يعالج نفسه و فاتورة تراكم الاضرابات العشوائية التي كانت تشل
كل القطاعات و فاتورة تسييس الاتحاد الذي كان يساند بعض الاحزاب و فاتورة نفاق الاعلام
الذي كان يساند الاضرابات و المطالب التي اصبحت اليوم من المحرمات و اصبح يذبح و يسلخ
على منابرها الاستاذ بأنبى العبارات و فاتورة بيروقراطية الشركات التي تترصد لخوصصة
القطاع...
لا يمكن انكار حقوق الاستاذ كما لا يمكن المساهمة في تشويه الاستاذ
و المشاركة في المؤامرة و السقوط في النفاق و لا يمكن لمن قال منذ الثوة بعدم وجاهة
المطالب و الاضرابات ان يبقى على نفس الموقف بعد ان كان الحزب الحاكم اليوم من اكبر
المساندين لهذه الاضرابات و المطالب و جعل نفسه البديل عن الفشل و صاحب العصا السحرية
للنجاح و كان يتشدق برافده النقابي و يعد في قلب حملته الانتخابية بالحفاظ على حق الاضراب
و تحقيق المطالب...!!!
عزيز كداشي
0 commentaires: