2 مارس 2015

فاتورة الاستاذ... (بقلم عزيز كداشي)

منذ الضربة التي تلقاها الاتحاد العام التونسي للشغل اواخر الثمانينات زمن حكم بورقيبة حيث وقع الزجّ "بالحبيب عاشور" في السجن مع بعض من رفاقه و بعدها ضربات بن علي الحاكم المستبد المطلق صاحب الجهاز القمعي الاستئصالي التي اسقط بها المعارضين و النقابيين و المكتب التنفيذي للمنظمة موال للنظام...

تشكل امام الاتحاد نسيج اقتصادي و سياسي بتحالف جمع بين قوّة رأس المال للبورجوازية التونسية الثريّة وبين النفوذ السياسي المتعاظم لعائلة ضيّقة هي عائلة الرئيس وزوجته و كبر امام عينيه وحش جشع من القهر و الظلم و التسلّط...يمارس الاحتيال المنظّم وسرقة المال العام والرشوة والأنانية الفردية و يغلب ما هو ذاتي على الشأن الجماعي...!!!

بعد الثورة...و بعد مشاركة فعالة من قواعد الاتحاد في الثورة كنا ننتظر ثورة و تغيير جذري داخل الاتحاد القاعدة الخلفية التي كانت تسند نظام الحكم و تحفظ السّلم الأهلي وتمنع أي شكل من أشكال الرّفض أو الاحتجاج و تشارك في احتفالات السابع من نوفمبر وتبارك السياسة الحكيمة للسيد الرئيس وقيامه على مصالح وحقوق الشغالين وتناشده وتتوسّل إلى حضرته أن يستمر في حكم تونس...و كانت المفاوضات و مطالب الزيادة في الاجور تشبه المسرحية الرديئة لتحصيل زيادات مذلة للاجراء تصبح هبة و منة من لدن سيادة الرئيس...!!!

بعد انتخابات 2011...لم يطرأ اي تغيير في المنظمة و لم يكن الحلف المسيطر الآن على المكتب التنفيذي مستعدا للتخلي عن حكم الاتحاد والانسحاب منه بل انخرط في السياسة حد النخاع و حطم الرقم القياسي في الاضرابات بعد ان اطلق عبيد البريكي "الماكينة" التي تطحن وتحطّم كل من يتصدّى لها و وجدت التهليل و المساندة التامة من رجال الاعلام و المال و السياسة لإرباك الترويكا الحاكمة وابتزازها و ليّ ذراعها !!!

اليوم و مع اضراب اساتذة التعليم الثانوي يدفع الاساتذة فاتورة الاتحاد المريض الذي لم يعالج نفسه و فاتورة تراكم الاضرابات العشوائية التي كانت تشل كل القطاعات و فاتورة تسييس الاتحاد الذي كان يساند بعض الاحزاب و فاتورة نفاق الاعلام الذي كان يساند الاضرابات و المطالب التي اصبحت اليوم من المحرمات و اصبح يذبح و يسلخ على منابرها الاستاذ بأنبى العبارات و فاتورة بيروقراطية الشركات التي تترصد لخوصصة القطاع...


لا يمكن انكار حقوق الاستاذ كما لا يمكن المساهمة في تشويه الاستاذ و المشاركة في المؤامرة و السقوط في النفاق و لا يمكن لمن قال منذ الثوة بعدم وجاهة المطالب و الاضرابات ان يبقى على نفس الموقف بعد ان كان الحزب الحاكم اليوم من اكبر المساندين لهذه الاضرابات و المطالب و جعل نفسه البديل عن الفشل و صاحب العصا السحرية للنجاح و كان يتشدق برافده النقابي و يعد في قلب حملته الانتخابية بالحفاظ على حق الاضراب و تحقيق المطالب...!!!

عزيز كداشي